الثلاثاء، 19 مارس 2013

مصر الى اين؟

الى اين تذهب مصر في كل هذا الخضم السياسي، اننا تقف على مفترق طرق لايعلم الى اين سيؤدي بنا ،ان اي دولة بعد اي ثورة تتعرض الى حالة من الاضطراب النوعي على المستوى الاقتصادي والسياسي والامني خصوصا اذا كانت ثورة شعبية كاملة وكانت الدولة في حالة تغيير في البنية السياسية لها ، لكن الرؤية واضحة ولا يعلم الى اين نحن ذاهبون حقا !

ان حالة الثورة المصرية تشابه بشكل غريب الحالة اللتي سبقت في عدة دول كما اننا تختلف معها في نفس الوقت في اشياء اخرى، لقد كان الاعتقاد السائد ان مصر بعد الثورة سوف تتحول الى دولة ديموقراطية مدينة حديثة تعتمد التبادل السلمي للسلطة تكون فيها ممارسمة سياسية سلمبة وشراكة وطنية حقيقة ، كانت بوادر ذلك ظاهرة في ا تحاد الشعب الميادين وطلبات الثورة التي كانت عيش حرية عدالة اجتماعية بعد ثلاث عقود من المعاناة من الفساد والقمع والسرقة والحكم الاوتوقراطيو الديوقراطية الشكلية ، كان ذلك ظاهرا ايضا في انضمام الكثير من فئات المجتع الى العمل السياسي لم تكن فيه قبل ذلك ، لكن بدأ هذا بالتغير بعد سنتين من الثورة
ان مفترق الطرق الذي نحن فيه شببه بعد ة امثلة
.
① ايران: عندما اندلعت ثورة شعبية في ايران ف العام ١٩٧٩ ضد حكم الشاه محمد رضا بهلوي سارت في طريق صراعات بين القوى اللتي قامت بالثورة وهو البازار والحركات اليسارية على اختلاف انواعها من حزب تودة الشيوعي الى الاشتراكيين الى الاشتراكيين الاسلاميين (اللذين اصبحوا بعد ذلك مجاهدي خلق)الى حتى حركات اسلامية مختلفة مع الخميني  وانتهت الدولة الى قيام نظام اسلامي قمعي قام بسجن وطرد واعدام معارضيه وابتدع نظام ولاية الفقيه المستحدث على الاسلام عموما وعلى المذهب الشيعي خصوصا , وقد ظهرت تلك الحالة الى السطح وقت كتابة الدستور , وقد كانت هنالك محاولات للتوافق بتعيين ابو الحسن يني صدر رئيسا للجمهورية الا ان الاختلافات تصاعدت وانتهت بعزل بني صدر وحل الاحزاب مثل الجبهة الوطنية الديموقراطية ( واخدين بالكوا من جبهة دي) وحزب الشعب الجمهوري الاسلامي وحتى كتائب المجاهدين المختلفة مع الخميني تم الهجوم عليها وتم اقامة محاكم شرعية قامت بتطبيق الاعدامات والسجن على كل المخالفين حتى تحولت ايران الى ما نعرفه اليوم , لقد تسببت الثورة الايرانية في حالة عزلة دولية واختفاء للحريات في البلد وتكوين بلد لم يكن يتصور من قاموا يالثورة ان يصلوا اليها , ان ايران تعتمد الديموقراطية والتبادل السلمي للسلطة لكنه منقوص تماما بوجود مرشد اعلى للثورة ووجود هيئة تشخيص مصلحة النظام من رجال الدين وان يكون هنالك مرشح اسلامي فقط للمناصب العليا , صحيح في ايران صراع مجتمعي بين اصلاحيين ومحافظين لكن الالية نفسها لا تسمح بالتبادل السلمي للسلطة

فهل يا ترى تسير مصر على نفس المنوال , ان هنالك تشابه كبير في الاتي

1- التيار الاسلامي : في لبلدين كان هنالك تيار اسلامي مؤيد من قطاعات كبيرة من الشعب في طبقاته الدنيا والوسطى الدنيا وبنسبة اقل في الوسطى وفي المناطق الريفية والاقاليم اكثر من العواصم
2-الصراع على السلطة : في البلدين لم تستطع القوى السياسية ان تتوافق او حتى تتنازل لبعضها للوصول الى حالة سياسية سليمة
كما ان هنالك بعض الاختلافات
1- الجيش والشرطة : كان من الاسباب اللتي سارعت باحكام قيضة الخميني الاهتزاز الكبير في قوى الامن الداخلي والجيش اثناء الثورة مما سمح بتكوين مليشيات الحرس الثوري( الباسيج والباس داران) وهي مكونة من الشعب (مثل ما كونا لجان شعبية لحفظ الامن  اثناء الثورة المصرية) وكان لها اثر كبير في حفظ الامن في المحافظات الايرانية كما كان لها اثر في القضاء على الثورة المضادة لكنها قضت ايضا على اي معارضة للخميني , في الحالة المصرية ما زالت الحيش والشرطة متماسكيين تماما مما لن يصل بنا الى الحالة اليرانية سريعا , الا انه اذا نشب صراع مسلح بين القوى السياسية فلابد من تدخل الجيش واللذي سيؤدي ذلك الى توريطه في هذه الصراع
2- زعيم الثورة : كان للامام الخميني كارزما كبير على الشعب الايراني وذلك لتصدر الملالي في ايران للعمل الثوري قبل اندلاع الثورة بفترة طويلة ولذلك فهي ثورة لها زعيم وليست كالثورة المصرية اللتي لم يكن لها زعيم كاريزمي يلتف حوله المصريين , لم ينجح احد في خلق تلك الزعامة ,ليست طبعا في مرشد جماعة الاخوان ولا الرئيس مرسي و حاول كل من البرادعي وحمدين صباحي وحازم صلاح ابو اسماعيل ان يلعبوا هذه الدور ولكنهم لم ينجحوا حتى هذه اللحظة و انهم زعامات نعم لكن لم يصلوا احد تكوين تاييد كبير جدا يصل به ان يستاثر بالسلطة
3-اللجان الشعية : هنالك اختلاف في كون هذه اللجان الثورية اسست في ايران اثناء الثورة وكانت تفتقر الى الضبط التنظيمي اما في الحتالة المصرية فان هذه الشكل التنظيمي موجود في جماعة الاخوان المسلمين والجماعات الاسلامية وغيرها غير الجماعات المتكونة حديثا مثل حازمون , لذل فان ظهو هذه التنظيمات الى الشارع لن يحتاج الى مجهود كبير او تكوين اصلا
الخلاصة: ان مصر مرشحة للوصول الى الحالة الايرانية ولكن ليس بنسبة كبيرة وبشكل مختلف يقويها وصول الاسلاميين اصلا الى الحكم في مصر بشرعية صندوق ووجود القوات المسلحة والمذهب السني وعدم وجود زعاة دينية كاريزمية مجمع عليها بلالضافة الى الاداء المتخبط للاخوان في الفترة السابقة

2- العراق : كلنا يعرف ما حصل في العراق بعد حرب الخليج الثالثة 2003 ونتج عنها نظام ديموقراطي صوري فاشل ليس له تاير كبير على الارض وتمزقه تضارب المصالح الشخصية , كما ان الطائفية والتدخل الخارجي والحالة الامنية المضطربة كل ذلك ادى الى  ان تصبح العراق على ما عليه الان من عدم استقرار سياسي وامني واقتصادي
الحالة المصرية: يصعب الوصول الى الحالة العراقية في مصر كون المجتمع ليس طائفيا ومازالت اجهزة الدولة من شرطة وجيش تعمل بفاعلية كبير جدا كما ان التاثير الخارجي على الثورة المصرية ليس بالقدر نفسه بالرم من تميز العراق بحالة اقتصادية احسن ناتج عن وجود البترول والزراعة بالاضافة الى عدد سكان اقل

3- الصومال : الحالة الصومالية واللتي ادى الصراع السياسي بعد ثورة على نظام عسكري قمعي فيها الى سقوط الدولة وتحولها الى دولة فاشلة مرشحة جدا في مصر اذا ما تفاقم الصراع السياسي تحول لحرب اهلية تختفي فيها سلطات الدولة دون ان يفرض اي طرف النصر على الاخر وهذه غير موجود بشكل كبير لانه في الصومال كان هنالك ولاء كبير لشخصيات سياسية بعينها ولم يستطع اي منهم فرض سيطرته على الاخر كما انه كانت هناك حركات سياسية متعددة , انتهى الحال بالصومال الى التقسيم الى دولتين واجتياح اثيوبيا بعد ظهور حركات اسلامية راديكالية , هذا الصراع مرتبط حدوثه في مصر بتفكك الجيش وتحول الصراع الى صراع مسلح بين قوى متكافئة وهو ما لم يظهر بوضوح الى الان حيث ما زالت الاعداد المؤيدة للتيار الاسلامي في مصر تفوق اعداد الاخريين , القدلرة على حمل السلاح والموت في سبيل الفكر لم تظهر بوضوح في غالبية الشعب لمصري بل في حركات قليلة غير منظمة لتكوين مثل هذه المليشيات , الا ان التيار الاسلامي هو الاخر ليس من الانتشار والقو ةاللتي تمكنه من تحقيق الانتصار في وقت قصير ولذا فان الحالة الصومالية مرشحة بقوة

4- لبنان : الحرب الاهلية اللبنانية واللتي فقدت لبنان فيها ما يقرب من 120000 الى 150000 الى الاعداد الاخرى من الحرحى والمفقوديين والمهاجريين الى خارج البلد , نشات تلك الحرب باسباب طائفية في بلد ينكون من 17 طائفة تنركز في مساحة صغيرة وتتقاطعهم المصالح الدولية بالاضافة الى الوجود المسلح لمنظمة التحرير الفلسطينية و انتهت تلك الحرب عام 1990 دون ان يحقق اي طرف انتصار على الاخر , وبالرغم من وجود الحكومة والجيش قان تاثيرهم في حفظ كيان الدولة كان منعدما وكان الحديث في الارض للمليشات , هذه الحالة مرشحة بشكل اقل في مصر لعدم وجود صراع طائفي بالشكل اللذي يسمح بتكوين مليشيات مسلحة دفاعا عن الطائفة او لحفظ توازن القوى و كما ان الجيش المصري وطني متاسك ولا ينتمي لاي ايدولوجية او طائفة

وبعد هذه المقارنات فهل نحن امام اي من هذه النماذج ام اننا نموذج مختلف و هنالك ايضا بعد الاحتمالات الاخرى

1- عودة الجيش الى السياسة : طبعا لن يحدث هذا الا بانقلاب عسكري وسيختلف حكمه تماما عن ما كان اثناء ثولرة 25 يناير , فسوف يقوم بمحاكمات عسكرية , احكام عرفية , اعدامات , قمع , اغلاق الصحف والقنوات , القتل لكل من يخرق القوانيين , طبعا لن ينتج نظام ديموقراطي , يوف يكون هنالك انهيار اقتصادي تام , لا استثمار اجنبي , حكم بالحديد والنار , ناهيك عن ان الاسلاميين والثوار كلاهما سيصتدمون بالجيش , الاسلاميين لانهم نزعوا من الحكم والحركات الاخرى لانه سينهي اي حرية او ديموقراطية او تبادل سلمي للسلطة او اي حلم في التقدم ,كل الدول اللتي نهجت هذا التهج سواء كوريا الشمالية او دول امريكا اللاتينية او باكستان او السودان  فشلت على المدى الطويل , كما ان الديموقراطيات اللتي تكونت تحت رقابة العسكر مثل تركيا لم تكن الحريات فيها مكتملة  ليس هنلك افضل لاعدائنا من حدوث هذا الانشغال للجيش في السياسة واللذي قد يؤدي الى انهيار الجيش او الدولة او الدخول في معترك طويل لن ينتهي ابدا , عندها ماذا سيفعل الجيش , هل سيقوم بعنل انتخابات ستاتي بالاسلاميين ثانية ام ماذا؟ بالطبع لا كما ان الفترة اللتي ادار فيها المجلس العسكري البلاد لم تكن تبشر بخير من محاكمات عسكرية الا احداث مجلس الوزراء الى تبديد معظم الاحتيلطي النقدي الخ

2- الانهيار الاقتصادي : لدولة تعتمد على اقتصاديات تافهة تتمثل في السياحة وتحويلات المصريين بالخاج والاستثمار الاجنبي الضعيف بالضافة الى المعونات لن يتحمل اقتصادها كثيرا حالة الصراع السياسي الموجود الان وسيزيد التضخم وارتفاع الاسعار ومعها الازمات وغيرها من المشاكل في دولة تعاني اصلا وقامت فيها ثورة لاجل هذه المشكلات . ليس عندنا صناعة ثقيلة ولا زراعة لها فائض تصدير والثروة المعدنية تكفي بالكاد الاستهلاك بالاضافة الى فشل المشروعات الصغيرة وعدم وجود رفبة في العمل والابداع كما في شرق اسيا مثلاو عدم وجود معونات كافية من الخارج و عدم قدرة الحكومة على اعادة انشاء اقتصاد جديد تتحكم هي فيه  , لذل فان الصراع السياسي قد يؤدي الى انهيار الاقتصاد وبعده ثوة جياع ونهاية ايضا للدولة !

3-التدخل الخارجي: التدخل الخارجي قد يحدث اذا تاثرت الملاحة في قناة السويس , لكن الاحتمال الاكثر هو خوض الدولة لحرب الا ان مؤشراتها ليست موجودة بعد , اذا حدثت لنا معجزة وتقدمنا ربما يحدث ذلك!!!
5- التقسيم : ان ضياع سيناء اوانقسام الدولة الى دولتين او دول هو صعب الحدوث جدا في مصر وان كان ليس مستحيلا وظهر في احداث بورسعيد الا انه مرهون بسقوط الجيش ايضا وعدم وجود سلطة مركزية قوية

الصراع السياسي في مصر ليس صراعا بسيطا لكنه مركب , فهو ليس صراع بين الاخوان ومعارضيهم فقط او بين الثورة والثورة المضادة فقط او بين الاسلاميين والعلمانيين او بين الراسماليين والاشتراكيين او بين القوى المحافظة والقوى التجديدية او بين الحكم لبعسكري والمدني او بين اصحاب المصالج واصحاب المصلحة العامة او الفساد والاصلاح  او بين الاستقلال المصري وبين القوى الخارجية اللتي تريد بقاء مصر كيانا تايعا او الدول الخائفة من تصدير الثورة  بل هو مزيج من كل هذه الصراعات في وقت واحد لذ فهو غير مؤهل للنهاية في وقت قريب ابدا

الحلول : للاسف فان الحلول المطروحة لم تلق اي قبول من السياسيين سواءا اكانوا في السلطة ام في المعارضة حيث انهم جميعا مصابيين بحالة من المراهقة السياسية الكبيرة مع عدم مسؤولية وطنية بالاضافة الى ضيق افق كبير وقلة خبرة عظيمة بالاضافة الى مواجهتم لمشاكل داخلية متفاقمة مع انسحاب جهاز الشرطة وبقاؤه الصوري في المشهد , الى تحديات خارجية الى نقص في الموارد الداخلية الى نقص في الاحتياطي الاجنبي و احد اهم المشاكل هو عدم قدرة شباب الثورة على تكوين كيان سياسي متحد خاص بهم يستطيع تكوين بديل عن القوى السياسية القديمة الموجودة حاليا , كيان عابر للايدولوجية الا ان ذلك يكاد يكون مستحيلا

ان مصر لن تخرج من حالة الصعود الى الهاوية اللتي هي فيها الا بالاتي
1- ايقاف جميع مظاهر التظاهر في الشارع سواءا سلميا ام باستخام العنف : ق يكون ذلك بهدنة تصل لستة اشهر
2- تعليق عمل برامج التوك شو:  يتم ايقاف عمل برامج التوك شو بنفس المدة او تغيير سياستها لنفس المدة
3- تكوين حكومة تكنوقراط ( كفاءات ) حتى الانتخابات البرلمانية اللتي تم ايقافها بحكم محكمة القضاء الاداري , تلك الحكومة يجب ان تعطى وعودا من كامل القوى السياسية باعطائها الثقة من البرلمان المنتخب اذا قدمت بعض النجاح في الفترة الحالية
4-اللجنة الدائمة للحوار الوطني : انشاء لجنة دائمة تجتمع مرة واحدة اسبوعيا للحوار الوطني فيها ممثل ذا قوة من كل حزب من الاحزاب المصرية للوصول الى وجهة نظر مشتركة
5- لجنة تعديلات الدستور : تتفق اللجنة السابقة على انشاء لجنة مصغرة للاتفاق على تعديل مواد الدستور الخلافية على ان تطرح للتصويت في اول جلسة لمجلس الشعب بضمانة موافقة من احزاب الاغلبية
6-تجريم استخدام العنف ايا ما كانت مصوغاته وتبرا القوى السياسية منه
7- هيئة الافكار الابداعية : يتم انشاء هيئة مستقلة تقوم باخذ الافكار والاقتراحات وتصنفها وعرضها على الحكومة لتكوين اراء جديدة خارج الصندوق لتمنية البلد
8- عدم الانفراد : يجب على جماعة الاخوان ان تعطي الضمانت الكافية عن اي شيء يتفق عليه , يجب ايضا التخلي عن اللعب منفردا والتراجع في الوعود والقرارات للاطراف الاخرى , ان النجاح الانتخابي لا يجعل جماعة الاخوان اغلبية مؤولهة تلعب منفردة بعيدا عن الكفاءات الناقصة لديها وبعيدا عن القوى اللاخرى , الاغلبية الانتخابية قد تتغير في لحظة والاعتماد على ذلك فقط ضرب من الجنون !

انا واثق تماما ان الاقتراحات السابقة ستذهب ادراج الرياح كما ذهبت سابقيها من كل من اقترح اقتراحا مفيدا

الغريبة اني متفاءل جدا بالرغم من كل هذا واعتقد اننا يجب ان نصبر قليلا على المصاعب الحالية والقادمة لان القادم افضل باذن الله
(محمد جميل)