السبت، 16 نوفمبر 2013

عشق 3 - التاريخ

من تحقق ولم يتشرع فقد تزندق ومن تشرع ولم يتحقق فقد تفسق

تلخص هذه المقولة اسسا  الحب الالهي الاسلامية أي ان المسلم يجب ان يجمع بين الاثنين وهي الشريعة وتعني العبادات والمعاملات والقواعد الاساسية فقها وعقيدة بما تسعة رحابة الاختلاف في الفروع وفي نفس لوقت يتحقق أي يصل الى النعاني القلبية الجوانية لهذه الاوامر والنواهي والعبادات والمعاملات وحتى لا يخرجه حبه لله عن قواعد الدين وفي نفس لوقت لكي لا تصبح قواعد الشريعة اصولا جامدة لا تحوي داخلها الحقيقة من وراء هذه الدين وهو محبة الله والتقرب اليه .

لكن ما هي المراحل التاريخية للحب الالهي : بدأت اولا كحالة مضادة للحياة المادية والاهتمام بالأطر التشريعية فقط فبدات كحالة من الزهد في ملذات الدنيا ولبس الصوف ثم تطورت بعد ذلك لان يصبح معنى الزهد عدم التكالب على الدنيا وعدم الحزن على ما يفقده الانسان فيها لأنه ليس من المعقول ان الله محبوب ينعم عليك بشيء ثم ترفضه او تزهد فيه بل تستمتع به رائيا في ذلك انعامه عليك ومتقربا اليه بالشكر وفي نفس الوقت لا تحزن ابدا على أي نعمة تفقدها فانت في النهاية زاهد في لدنيا غير متكالب عليها طالبا الله في كل ركة وسكنة بقدر استطاعتك ..

تطور بعد ذلك الى البحث عن الاطر الروحية للدين كان من اعلام هذا العصر الجنيد البغدادي والحسن البصري وغيرهم  ثم بعد ذلك تاسيس العبادة لان تكون على اساس من الحب وليس الخوف والرجاء مع وجودهما لكن القصد هو الحب الالهي وكان اكثر تمثيلا رابعة العدوية في العصر العباسي  في طلبها من الله ان يعذبها بالنار ويمنعها الجنة اذا عبدته فقط حبا في الجنة وخوفا من النار مع طلب الجنة والبعد عن النار , وانها تحب حبين وهو حب الهوى وحب لأنه اهل لذك .

ثم انتقلت الى مرحلة اخرى وهي ادخال التصورات العقلية والتعبير عن الحالات الوجدانية التي يصل اليها العاشق  بشكل عقلي فلسفي متأثرا بوجود النقاشات الفلسفية العقلية وعلم الكلام  وكان اكبر تميل لتلك المدرسة محي الدين ابن عربي , السهروردي المقتول والحلاج وغيرهم ممن عبروا عن حالات فهم وحالات وجدانية بما لا تستطيع اللغة ان تصل اليه فظهرت مشكلة حقيقية مع هذه المدرسة هي انه كان ظاهركلامهم مخالفا للشريعة  غير مفهوم وجر عليهم مشاكل كبيرة من التكفير الا القتل الى غيره الى تشابه ما قاله ابن عربي مع الغنوصية في ان الله حل بكل شى وببعض عباده وهي مقولة متفهمة من ان الله لا يحده زمان او مكان دون القصد في ان ذلك يعني غنوصية ولكن للعامة كان الكلام مبهما على نحو غير مريح, ليس للعامة فقط بل لكثير من المتخصصين والصوفية فكتاب الفتوحات المكية لابن عربي من اكثر الكتب صعوبة للقارئ المتخصص حتى  , الشاهد ان هذه المدرسة لا تمثل العشق الالهي تمثيلا واحدا ووحيدا بل هي طور وشكل ربط الفلسفة االصوفية وادى الى كثير من المشاكل مما اضفى على الصوفية شكلا شطحيا خارجا عن العقيدة ولكنها ثظل مدرسة ووردة داخل حديقة العشق الالهي الكبير والمتنوعة والمعتمدة معظمها على الاصول العقائدية الصحيحية

ثم وصلنا الى المرحلة الثالية وهي المسماة صوفية الطرق حيث ظهرت على مبدا جميل جدا وهي كما ان علم اللغة او الرياضيات او التاريخ واحد الا ان لكل مدرس يعطيك هذا الدرس او ذاك طريقة واسلوبا تحببك او تنفرك , ومن الطرق ما تجدها اسهل واكثر قبولا من طرق اخرى واساليب احب للنفس واسلس من اساليب اخرى , كلنا تعرضنا لذلك ولربما جاء اليك مدرس رياضيات مثلا ليجعل بطريقة شرحة الصعبة علم الرياضيات غير مفهوم ومعقد  ثم يذهب لياتي مدرس اخر يشرح لك نفس العلم باسلوب شيق مبسط يجعلك تحبه . وربا احببت انت اسلوب هذا المدرس ولكن اخرين لا يحبوه, رغم انه نفس العلم ولم يتغير قيد انملة , هذه بالضبط هي فكرة صوفية الطرق , ان يكون لك شخا معلما ليعمك في الاساس الاسس الشرعية والعقائدية للدين ثم ياخذك في الطريق الى الله عن طريق اسلوب حياة فيه تادبات ورياضات وعبادات كلها صحيحة على اسس الشريعة وذك منعا لك من الضلال او الشطح او ان تخرج خارج الاسس الاسلامية, ظهرت طرق صوفية عديدة كالنقشبندية والسنونسية والقادرية والشاذلية والبرهامية .....الخ , وكل طريقة لها شيخ منشئ  ومجموعة من القواعد في تربية المريدين للوصول بهم الى حالة الجلاء والتنور الروحي .

الا انه للاسف داخلت هذه الطرق الكثير من المصائب واللتي ظهرت جلية في انحراف بعضها عن الاساس الشرعي لتصبح طرقا غير اسلامية اصلا ,ودخل كثير من الادعياء ومدعي الكرامات عليها , كما انها اصبحت عند كثير من المشايخ اللذين لن يترقوا هم ليرقوا اتباعهم عمل دنيوي يحصلون من خلاله على مكانة مقدسة ومصالح دنيوية ضيقة وربما مالا ومناصب سياسية , واصبحت مجالس الذكر فلوكلورا فنيا شعبيا وليست مجالس ذكر صحيحة , كما ان كثير منها اصبح خانعا للحكام الفاسقين الظلمة بحجة ان السياسة ليست من الدين وان الاساس في ادين هو الحب الالهي وهذا وان كان صحيحيا ولكن ذلك لا ينفي دور هذه الطرق الصوفية نفسها في مراحل تاريخية سابقة في مقاومة الاستعمار وتقويم المجتمع كما ان عمر المختار وعبد القادر الجزائري والامام شامل الشيشياني الى اخر الاسماء الكثيرة الا ان نعظمها للاسف الان تحول الى ممارسات فلوكلورية تقديسية للشيوخ بما يخالف اصلا من اصول الصوفية وهي ان حب الله وتقديسه لا يعلوه ولا يجاوره حب أي احد او تقديسه ايا من كان , كما ان بعض الممارسات الخاطئة في زيارة قبور اولياء الله الصالحين اعطت انطباعا ن الصوفية شكل شعبي للتدن المنحرف لمدجن سياسيا المنسحب اجتماعيا واقتصاديا مما جعل كلمة صوفية مرادفا للزندقة او التجديف على الدين او الانحراف

هذه وان كان هذه صحيحا الا ان هذ لا يميت الحب الالهي في القلوب وليست هذه هي فقط الصوفية ونحن الان في مرحلة احيائية وان كانت ضعيفة للعشق الالهي على يد بعض المهتمين بنشر هذا العلم الديني الاساسي الرائع واللذي يجب على كل مسلم ان يدرسه باصوله الصحيحة .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                                         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق